هذا بلاغ للناس
من أغرب ما سمعته في حياتي أن القضاء السويسري يكذب، والخارجية تنفي، وقاضي التحقيق يصوب، والمحامي يتحدث عن “طلب إجراء مواجهة بشرط الحصول على موافقة المعني” والجهات االمخولة تتنصل..إلخ، مع كل هذا تصر بعض العناوين الصحفية في الجزائر على التمسك “بالمعزة ولو طارت”، وحتى بعد صدور بيان رسمي من قيادة الحركة، شككت هذه الصحف في البيان وأبرزت رواية منظمة ترييال ( Track Impunity Always).
فهل يبقى بعد هذا الإصرار من حاجة إلى إصدار تكذيب جديد؟.
طالعتنا بعض الصحف الوطنية الصادرة بين أيام 19 إلى 22أكتوبر2009 بسلسلة من الأخبار تستهدف الحركة ورموزها، تصدَّرها خبر مفاده أن السيد أبوجرة سلطاني رئيس الحركة يكون قد تعرض لمحاولة القبض عليه في سويسرا على إثر شكوى تقدمت بها منظمة “تريال” بتحريك من المدعو أنور ملك، وأن رئيس الحركة يكون قد خرج من التراب السويسري فارًّا عن طريق فرنسا !
وتوضيحا لهذا الخلط نسوق بين أيديكم صورة ما حدث بشكل دقيق، ونعقب على ذلك بقراءة في الخلفيات والمآلات، ثم نختم هذا البلاغ بتوجيهات تربوية، وبالله التوفيق:
أولا، كرونولوجيا الأحداث:
في إطار مناشط الحركة ومأموريات رئيسها الذي كان في القاهرة لحضور فعاليات المعرض الدولي الذي تنظمه “الموسياد” على هامش الملتقى الدولي الـ13 لجمعية رجال الأعمال(IBF) والذي دأبت الحركة على أن تشارك فيه منذ سنة1998 ولم تتخلف عنه أبدا، انتقل الرئيس بعد نهاية أشغال الملتقى من القاهرة إلى سويسرا وفقا للترتيبات المبرمجة سلفا بالتسلسل الزمني الموالي.
1- أن رئيس الحركة قد تنقل إلى جنيف من القاهرة يوم الخميس 15 أكتوبر 2009 بدعوة من رابطة مسلمي سويسرا للمشاركة في الملتقى الأسري الذي تنظمه سنويا تحت شعار “أسرة مستقرة”. وعند وصوله زار كالعادة السلك الدبلوماسي الجزائري المعتمد في جنيف زيارة مجاملة وتواصل مع الجالية..
2- إلتقى الرئيس بمجموعة من أفراد الجالية الذين نظموا له جلسة مطولة استمرت إلى منتصف الليل تعرض خلالها لشرح أوضاع الجزائر وثمار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، كما تناول بالحديث الوضع الداخلي للحركة والآفاق المستقبلية، وأجاب عن أسئلة الحاضرين، وعند نهاية الجلسة تقرر أن يؤم المصلين في صلاة الجمعة ليوم الغد.
3- صبيحة الجمعة 16 أكتوبر 2009 أُبْلِغَ رئيس الحركة بأن جماعة من الشباب الجزائريين يخططون للتشويش عليه داخل المسجد الذي سوف يلقي فيه خطبة الجمعة، وبعد مشاورات مع المسؤولين تقرر عدم إلقائه لخطبتي الجمعة والاكتفاء بالصلاة مع الناس احتراما لحرمة المسجد. وتفويتا للفرصة على الصائدين في المياه العكرة..
4- بعد صلاة الجمعة، وخارج المسجد، تجمهر مجموعة من الشباب بانتظاره ودخلوا معه في نقاش حاد حول الحكومة الجزائرية والتحالف والمأساة الوطنية والمفقودين والشيخ نحناح (رحمه الله) والمشردين.. وأثاروا كل الحكاية القديمة المعروفة منذ عام1992..إلخ، وقد حاول رئيس الحركة تهدئة النقاش وإقناعهم بالعودة إلى أرض الوطن والتوسط إليهم لتسهيل هذه المهمة الأخوية الإنسانية في إطار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وساعده بعض أهل الخير على نزع فتيل التشنج، وكان بعض الحاضرين من الناضجين حيث قاموا بتهدئة إخوانهم، وبعد لحظات من النقاش هدأت الأوضاع ووجد رئيس الحركة تجاوبا وتفهّما لدى البعض، لكن آخرين تطرفوا وتوعدوا بالانتقام وقالوا:”إن الله يمهل ولا يهمل”.
5- ليلة السبت 17 أكتوبر 2009 تناهى إلى علم منظمي الملتقى أن هناك من يخطط للتشويش على سير الأعمال في الملتقى المقرر عقده في مقاطعة فريبورغ ولأن أوضاع الجالية لا تسمح بمزيد من التوتر في ظل استفزازات ضد الإسلام تحركها جهات متطرفة تحت غطاء “مناهضة الصوامع” هدفها الدعوة إلى هدم صوامع المساجد كونها رموزا للتطرف والتمييز بزعمهم، ولأن أي توتر جديد قد يساهم في تحريك أحداث شعب تساهم في صب الزيت على النار، ولأن الذين تجمهروا أمام المسجد بالأمس قد كشفوا عن نياتهم تجاه ما كان مبرمجا، وأن المستهدف ليس شخص أبوجرة سلطاني، وإنما ما يمثله بصفته رئيسا لحركة إسلامية ووزيرا للدولة سابقا وحركته طرفا في التحالف..إلخ، وبعد مشاورات واسعة قدَّر القائمون على شؤون الدعوة في سويسرا والمنظمون للملتقى أنه من مصلحة الجالية، وحفاظا على العلاقة الطيبة بين أفراد الجالية، وحتى لا تتسبب هذه التظاهرة في إحراج الرابطة أو إزعاج السلطات السويسرية تقرر الاكتفاء بلقاء مع الجزائريين والعودة إلى أرض الوطن لتفويت الفرصة على من يريدون إحداث توترات بين السلطات السويسرية ورابطة مسلمي سويسرا بالإساءة إلى ضيوف الرابطة(ولاسيما أنه قد حصل مثل هذا في مؤتمرات سابقة، بل داخل المسجد، مع عدة علماء).
6- يوم السبت 18أكتوبر2009 سافر رئيس الحركة جوًّا، من مطار جنيف على متن الخطوط الجوية الجزائرية متجها إلى الجزائر في رحلة عادية، و كان في توديعه سفير الجزائر في بيرن وقنصلها العام في جنيف. ولما وصل إلى مطار هواري بومدين سبقته أخبار تتحدث عن اختطافه في سويسرا أو اعتقاله في مقاطعة فريبورغ؟؟.
هذه هي كرونولوجيا الأحداث بدقة ووضوح.
ثانيا، قراءتنا للأحداث:
من حيث الشكل، هذه ليست المرة الأولى – ولن تكون الأخيرة – التي تتعرض فيها الحركة لموجة منظمة من “القصف الإعلامي” والتضخيم الصحفي الذي بلغ حد “النكت المثيرة للضحك” كما عبر عنه السجين حميد مباركي ردا على سخافات المدعو أنور مالك، ولكن الجديد في هذه الحلقة من سلسلة الهجوم على الحركة ورموزها ثلاث مؤشرات كبرى:
- محاولة نقل المعركة الإعلامية إلى الخارج عبر الصحف ومواقع الأنترنيت.
- التنسيق الواضح بين كل خصوم الحركة في الداخل والخارج.
- توسيع حملة الإشاعات لتستوعب وزارات الحركة وكوادرها.
ولأن قيادة الحركة قد تعودت على مثل هكذا حملات فقد تعاملت معها ببرودة أعصاب وهدوء وصمت أفقد بعض الجهات توازنها ووقارها فتوالت التصريحات المغرضة التي كشفت فيها عن “نياتها” ومخططاتها قبل الأوان، وعن طريق الكذب الصريح والدعايات المغرضة أدركنا مرامي خصومنا مصداقا لقوله تعالى:” ولتعرفنهم في لحن القول” ، وهكذا اكتشفت قيادة الحركة خيوط المكيدة المدبرة ضدها قبل الأوان، من طرفين:
- طرف مستفيد بشكل مباشر من سيناريو “حبس الحركة في معارك التلهية”.
- وطرف مرتزق ومأجور..على حساب الحق والعدل والإنصاف.
ولأن الصورة قد اتضحت تماما فإنه بات واجبا أن يعرف أبناء الحركة بعض الحقائق الكامنة وراء هذا اللغط الإعلامي الحاقد..
وبالمختصر المفيد نؤكد على أربع حقائق جوهرية هي:
1. أن المدعو أنور مالك (اسمه الحقيقي عبد المالك نوار) لا يمثل في كل هذه الزوابع إلا مخلب قط تُسوَّق من خلاله مشاريع مشبوهة..والعامة والخاصة يعرفون أنه مسبوق قضائيا ومشهور بقدرته على الكذب والافتراء وتلفيق التهم للناس، والذي يطلع على تصريحاته يكتشف أن الرجل مسكون بحب الشهرة والظهور(القاعة رقم01 في سجن الحراش بالجزائر تشهد على سلوكاته حسب رواية كل من كان معهم، ولعل نقل شهادة السيد حميد مباركي(الذي يقضي عقوبة المؤبد بالمؤسسة العقابية بالشلف) خير دليل للرد على افتراءات هذا المدعي على لسان رجل يعرفه عن قرب، فقد جاء في يومية الشروق الصادرة يوم الأحد 18أكتوبر2009 بالحرف الواحد:
- هل تعرض أنور مالك للتعذيب أمام أعين أبو جرة سلطاني “دون أن يسميه” في سجن الحراش؟
- (يضحك).. ” الأمر فعلا مثير للضحك لأن أنور يعتقد أنه شخصية سياسية مهمة يتطلب شخصا مثل وزير الدولة أبو جرة سلطاني حضور جلسة تعذيبه، فأنا أنفي وقوع هذا الأمر في الحراش جملة وتفصيلا، وإذا وقع هذا النوع من العمل فليس في سجن الحراش وأي مسؤول يحضر جلسة استنطاق مع سجين تكون في مؤسسة أمنية مثل مقر الشرطة أو المخابرات وليس السجن، ثانيا أتصور حضور شخصية بوزن أبو جرة سلطاني رغم وجود “أسرار بينهما” لجلسة استنطاق تكون مع أشخاص هم أطراف مهمين في الأزمة السياسية والأمنية التي شهدتها الجزائر بداية التسعينات أمثال عبد القادر حشاني، عبد الحق العيايدة ويخلف الشراطي القيادي البارز في الحزب المحظور إلى جانب مبارك بومعرافي المتهم بقتل رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد بوضياف كانت موجودة في السجن وليس مع مجرد صحفي لا يقوى عن الجهر بكلمة الحق.” انتهى كلام السيد حميد مباركي.
- أن يوم 01 جويلية 2005 يصادف يوم الجمعة، وقد كان المدعو أنور مالك يومها يدلي بشهاداته أمام 07 من ضباط الشرطة القضائية ورجال الدرك الوطني بالكتيبة الإقليمية للدرك الوطني بالجزائر العاصمة حيث تؤكد الوثائق التي عثر عليها بحوزته أنه شخصية غريبة الأطوار، فهل يملك واحد من هؤلاء السبعة أن يشهد بأن أبوجرة قد حضر معهم جلسة التحقيق؟.
- أن رئيس الحركة كان خارج العاصمة، في هذا اليوم بالذات، لأنه تعود (حين كان وزير دولة) أن ينزل إلى الولايات في مهمات حزبية نهاية كل أسبوع (الخميس والجمعة).
2. أن ما تداولته جميع الصحف ومواقع الإنترنيت في الداخل والخارج حول حادثة سويسرا واحتمال تعرض رئيس الحركة للاعتقال أوالفرار برًّا عن طريق فرنسا “سيناريو” إعلامي نسجته جهات مغرضة في سويسرا وسربته لجميع وسائل الإعلام والصحافة فتناقلته بعضها عن بعض، وبالعودة إلى فحص دقيق في كل ما صدر بين أيام 17إلى 22أكتوبر2009 نخرج بخلاصة واحدة مكررة في جميع وسائل الإعلام، وهي:
- أن المنظمة المسماة ترييال هي التي نسجت هذا السيناريو.
- أن عناصر داخل الوطن وخارجه روجوا له لأهداف دعائية رخيصة.
- أن بعض الصحف الوطنية ارتزقت به لمدة أسبوع كامل.
- أن الروايات قد تضاربت بعد صدور بيان الحركة يوم 19/10/2009 و الذي كذب الخبر جملة وتفصيلا، وأكد أن السيد رئيس الحركة قد عاد من جنيف إلى الجزائر في رحلة عادية على متن الخطوط الجوية الجزائرية، ومع ذلك استمرت بعض الصحف في ترديد رواية الفرار؟؟.
3. ما نشرته الصحف المحلية والأجنبية –إذا تجاوزنا كذبة الفرار- تمحور حول محاولة من جمعية ترييال لترتيب مواجهة (مقابلة وجها لوجه) بين السيد أبو جرة سلطاني والمدعو أنور مالك على خلفية أن هذا الأخير تقدم بشكوى كاذبة لدى قضاء مقاطعة فريبوغ وأن قاضي التحقيق قد استمع إلى أقواله بتاريخ 16أكتوبر2009، وأن محاميه “داميان شرفاز” اقترح أن تعقد جلسة مواجهة مباشرة إذا قبل أبوجرة ذلك..إلخ.
وتعليقنا على هذه الروايات المتضاربة نتساءل:
لماذا يوم الجمعة بالذات؟
- يوم الجمعة 16أكتوبر2009 استمع قاضي التحقيق إلى المدعو أنور مالك.
- يوم الجمعة 16أكتوبر2009 تقرر عقد مواجهة بينه وبين أبوجرة.
- يوم الجمعة 16أكتوبر2009 تجمهر مجموعة من الشباب أمام المسجد وتلاسنوا مع أبوجرة.
- يوم الجمعة 16أكتوبر2009 تقرر إلقاء القبض على أبوجرة في مقاطعة فرايبورغ حسب بيان منظمة ترييال..إلخ.
والسؤال: من الذي أبلغ منظمة ترييال أن تدعو المدعو أنور مالك (وهو مقيم في فرنسا) ليرفع شكوى ضد السيد أبوجرة سلطاني قادم إلى سويسرا يوم الخميس 15أكتوبر2009 ليكون هو يوم الجمعة16أكتوبر2009 بنفس المكان؟.
والسؤال الثاني: إذا كان قد أودع بلاغا جنائيا يوم 12أكتوبر2009 إلى قاضي التحقيق في كانتون فريبورغ ضد السيد أبوجرة سلطاني يتهمه بالإشراف على تعذيبه يوم 01جويلية2005 “باعتباره يقف وراء تنسيق جلسات التعذيب” حسب نص بيان جمعية ترييال، فلماذا لم تلق السلطات السويسرية القبض على سلطاني الذي دخل ترابها يوم15أكتوبر من مطار جنيف الدولي وخرج من نفس المطار متوجها إلى الجزائر عبر الخطوط الجوية الجزائرية؟ وهل تكذّب هذه المنظمة تصريح القضاء السويسري؟.
هناك تفسير واحد لهذه الروايات المتضاربة وهو:
إن سنة2005 هي سنة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وأنه منذ الاستفتاء حول قانون الوئام المدني سنة1999 لم تشهد الجزائر حالة تعذيب واحدة، بشهادة كل من مثل أمام القضاء، فكيف خُصّ المدعو أنور مالك وحده بحالة تعذيب في عزّ افتخار الجزائر بميثاق السلم والمصالحة الوطنية؟.
أن الهدف ليس أبوجرة سلطاني وإنما العودة إلى أطروحة “من يقتل من؟” و “من يعذب من؟” وهذا ما جاء بشكل واضح في بيان منظمة ترييال “Track Impunity Always” المنشور على موقعها الإليكتروني يوم 19أكتوبر2009 حيث جاء فيه بالحرف الواحد:”وفي تموز/يوليو2009، سبق لجمعية ترييال أن راسلت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة بخصوص شكوى رفعت ضد الجزائر، وذلك بسبب أعمال التعذيب العديدة التي تعرض لها السيد عبد المالك في بلاده في فترة بين عامي 2001 و2005، علما أن السيد سلطاني يوجد من بين الأشخاص الذين أشار إليهم الضحية باعتباره يقف وراء تنسيق جلسات التعذيب، ونظرا لما تعرض له السيد عبد المالك من تعذيب وسوء المعاملة، منح صفة اللاجئ في فرنسا، حيث يقيم الآن”انتهى كلام منظمة ترييال.
فالشكوى رفعت ضد الجزائر، وأبوجرة واحد من بين الأشخاص الذين ينسقون جلسات التعذيب (حسب منطوق بيان منظمة ترييال).
4. كل باحث عن الحقيقة يجب عليه أن يعرف بشكل واضح وصريح ماضي ومسار الجهات الواقفة خلف هذه الزوبعة .
فإذا عرف السبب بطل العجب، وهو ما يحتم علينا دعوتكم إلى ضرورة التعرف على ماضي ومسار المدعو أنور مالك، فقد تواترت الشهادات من مختلف ضحاياه أنه كان نصابا، ومحتالا، ومبلغا عن جرائم وهمية، ومتورطا في قضايا واتهامات خطيرة جدا، آخرها جنحة النصب والاحتيال التي قضى بسببها عاما حبسا نافذا بسجن الحراش غرفة 01، وما قام به من تصرفات داخل السجن يرويها كل من كان محبوسا معه !.
أما منظمة ترييال”Track Impunity Always” فيكفي الدخول إلى موقعها والاطلاع على ما تنشره يوميا ليعرف كل متابع خلفياتها وأهدافها ومراميها.
ثالثا، ماهو المطلوب؟:
اشتهر عن الشهيد ياسر عرفات رحمه الله قوله:”يا جبل ما يهزك ريح” ونحن نعتقد أن حركتنا قد صارت جبلا يزعج بثباته، وقوته، وتماسكه،ورسوخه في الأرض الطاهرة..، وقد تعجب الناس كيف تلقت كل الحركة هذا الكم الهائل من الضربات منذ2003إلى اليوم ولم يتزعزع، وهي اليوم تمر بالربع ساعة الأخير من الاختبارات الميدانية، وهو اختبار بمقدار ما هو تافه إلا أن ضجيجه الإعلامي كان مدويا وقد استغلته جهات كثيرة ربما كانت لها “حسابات” قديمة مع الحركة ورجالها ومؤسساتها وإطاراتها الناجحين..فسارعت إلى تعفين الأجواء لتصفية هذه الحسابات فاصطدمت بثلاثة جدران سميكة:
- جدار استخفاف أبناء الحركة بما يجري وانكبابهمعلى العمل الميداني.
- وجدار هدوء القيادة وانصرافها إلى ما هو أهم.
- وجدار ثقة وزراء الحركة في إطاراتهم وعدم الالتفات لما يشاع ويروج ضدهم تاركين الأمور لتقدير الجهات القضائية التي تملك كل الكفاءة “لغربلة” الصحيح من السقيم، وفي النهاية نحن بشر ونحن جزء من نسيج هذا الشعب.
إن الحكمة تقول: كل شيء يبدأ صغيرا ثم يكبر إلا المصيبة فإنها تبدأ كبيرة ثم تصغر، والرسول المربي صلى الله عليه وسلم يقول:”إنما الصبر عند الصدمة الأولى”. ولذلك، وبفضل الرجال الثابتين ثبتت هذه الحركة أمام مختلف الزوابع، ونحن أمام هذه الإشاعات كنا من الثابتين:
1- لقد تعامل السيد رئيس الحركة بمرونة وحكمة مع استفزازات المشوشين احتراما للأعراف البرتوكولية وتقديرا للسلطات السويسرية وتفويتًا للفرصة على من يعملون على تعكير الأجواء وإحراج رابطة مسلمي سويسرا الذين يواجهون حملة ما يعرف بمناهضة الصوامع بعد معركة الحجاب.
2- تحتفظ الحركة بحقها في المتابعة القضائية ضد كل من تسبب في ترويج هذه الإشاعات المغرضة، ورئيس الحركة مستعد لأي إجراء من شأنه وضع النقاط على الحروف.
3- ومن جهتكم، نحيي فيكم صبركم وتفهمكم لطبيعة القصف الإعلامي وتعاطيكم إيجابيا مع كل ما حدث، ونحن نعرف وعيكم وقدرتكم على تجاوز هذه الاختبارات الظرفية، ولكن زيادة في التثبيت من باب “بلى، ولكن ليطمئن قلبي” نوصيكم بأربع هن العواصم من القواصم إن شاء الله:
الأولى، الثقة في الله: أساس دعوتنا هو طهارة اليد واللسان والثقة في أن الله تعالى يمهل ولا يهمل، وإذا سمح هؤلاء لأنفسهم أن يتطاولوا على الحركة ورموزها وكوادرها ورجالها فإن الزمن كفيل بأن يكشف الحقائق إذا صبرنا واحتسابنا وتركنا القيل والقال وانغمسنا في العمل الميداني،فالإشاعات زبد سوف يذهب جفاء وأما العمل فهو نافع للناس وسوف يمكث في الأرض.
الثانية، التأسي بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم: فما قيل عن رسول الله صلى الله عليه وعن سائر المرسلين عليهم السلام يعطينا دلالة واضحة على أن طريق الدعوات له ضريبة ثقيلة وتكلفة مرة، وليس لنا من زاد إلا أن نصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل، ونعالج جراحات النفوس بقوله تعالى:” واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون”.
والثالثة، الظن بإخوانكم خيرا: فالأصل هو البراءة، وكل كلام ينطلق من خلفيات مغرضة الأصل فيه الرد حتى يثبت العكس في الاتجاهين:” ولولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين”.
وإذا كان للإفك قديما صورة واحدة فقد صارت له اليوم “مؤسسات دعاية” تطبخه، وتعلبه، وتسوقه..وإذا انتهت صلاحية استخدامه أعادت إخراجه في أثواب جديدة.
والرابعة، رفعه إلى أعلى: فكل ما تتم إذاعته من أخبار وإشاعته من أراجيف يتعفن إذا تم إنزاله إلى أسفل، ولذلك فإن أفضل طريقة لمعالجة هذه الصور من القصف الإعلامي هي ردها إلى القيادة وانتظار ما يصدر عنها من بيانات وتوضيحات رسمية تكون هي المعتمدة أساسا كجزء من الولاء للفكرة والمنهج والتنظيم لقوله تعالى:”وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به.ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم.ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا..”.
ففقه تقدير المصلحة في إذاعة الأخبار ضابط من ضوابط الإيمان إذا تناقضت الروايات وتعارضت الإشاعات، بل هو ثمرة وعلامة من علامات الخيرية في هذه الأمة وفي هذه الحركة، فنقل الأخبار فوق كونها رذيلة أخلاقية، هي مدعاة لإفساد القلوب وزرع الشك في الصف المرصوص.واتّباع لهوى شياطين الإنس والجن الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا. وإذا كان بعضكم قد كره ما أصاب الحركة ورموزها وكوادرها ورجالها من ضرّ فليراجع “فقه التمحيص” ليقف على حقيقة قوله تعالى:”عسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا”.
والله أكبر ولله الحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق