08 سبتمبر 2009

قاطعوهم يعذبهم الله

 
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم
تعتبر المقاطعة الاقتصادية وسيلة من وسائل الكفاح والنضال المطلوبة في كل حرب، وهي من أقوى الأسلحة الحروب قديما وحديثا، استخدمها المشركون في محاربة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، في شعب أبي طالب فى حصار دام خمس سنوات، لا يبيعون منهم، و لا يشترون منهم، ولا يزوجوهم و لا يتزوجون منهم، و لا يآكلوهم ولا يشاربوهم، حتى أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم أوراق الشجر..
وأكلوا روث البهائم، وأوذوا إيذاء شديدا، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "كنت في الشعب أتحسس الأرض، فوقعت يدى على شيء رطب فأخذته فأكلته ولا أدرى ما هو حتى أصبح الصباح، فوجدت بين أسناني أرجل خنفساء".
والمقاطعة هي نوع من أنواع الجهاد بالمال "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون و يقتلون"، فكما أن الإنفاق هو جهاد بالمال، فحجب المال لضرر يقع على المسلمين، ومنع وصولها لأعداء الإسلام هو جهاد بالمال أيضا.

ولنا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم عدة نماذج، تؤكد مشروعية المقاطعة في الإسلام، نذكر منها قصة اليهودي "رومة" الذي كان يمتلك بئرا في المدينة المنورة ويبيع الماء للمسلمين ويتحكم فيه كما يشاء، وكانت كل آبار المدينة تجف إلا هذا البئر (الذي ما يزال موجودا إلى الآن)، فذهب إليه سيدنا عثمان رضي الله عنه وقال له:"أشترى منك البئر"
قال اليهودي:"لا أبيع الماء للمسلمين"
فعرض عليه سيدنا عثمان أن يشتري منه نصف البئر (أي يوم ويوم)، فقال اليهودي
 فذهب إليه ثم عرض عليه سيدنا عثمان أن يشترى نصف البئر – أى يوم ويوم – فقال اليهودي:"أبيعك نصف البئر"
فقال عثمان:"اشتريت"
فقال اليهودي:"بكم تشترى؟"
فقال سيدنا عثمان:"بمائة ألف"
فقال اليهودي:"بعتك"
فقال عثمان:"اشتريت"
فقال رومة:"أستنصحك.. أالبئر خير أم المائة ألف؟"
فقال عثمان:"البئر خير"
فظل "رومة" يزيد السعر حتى اشترى هذا البئر بألف ألف (قالوا كان كل مال عثمان). فنادى عثمان فى المسلمين:"نصف البئر لي، فمن أراد من المسلمين أن يأخذ منه فهو بلا شيء". فكان المسلمون يذهبون يأخذون ما يكفيهم من ماء ليومهم و لليوم التالي. وهكذا لم يجد "رومة" من يبيعه ماءا.
 أليست هذه مقاطعة؟؟؟ أليس ما فعله سيدنا عثمان هو أن جعل منتج "رومة" منتجه هو ؟؟؟

ثم أتى يوم، ووقف رومة يقول:"أبيع الدلو بدرهم"
و كان سيدنا نعيمان يجلس بجواره و معه أكثر من دلو مملوء بالماء، فيسكب دلوا على الأرض ويقول:"درهم كثير"
فيقول رومة:"من يشترى بنصف درهم؟"
فيأخذ نعيمان دلوا آخر ويسكبه ويقول:"نصف درهم كثير"
فيقول له رومة:"بكم تشترى يا نعيمان؟"
فيقول له:"بتمرة"
يقول رومة:"بعتك"
فيقول نعيمان:"دعنى أفكر"
ثم أخذ دلوا و أراقه وقال:"والله إن التمرة لكثيرة"
قال رومة:"بكم تشترى؟"
قال:" لا أشترى"
قال رومة:"تشترى بنواة علفا لدابتي؟".
فيذهب رومة إلى سيدنا عثمان فيقول:"يا عثمان أتشترى منى النصف الثاني؟"
قال عثمان:"لا أشتريه، لا أحتاج إليه"
فيذهب رومة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول له: "أبهذا أرسلك ربك؟"
فيقول النبى صلى الله عليه وسلم:"من جار علينا نصرنا الله عليه... يا عثمان اشترى منه النصف الآخر".
فيقول عثمان:"يا رسول الله أأمر أم كرامة؟
فيقول له النبى صلى الله عليه وسلم:"بل كرامة يا عثمان"
فقال لرومة:"بكم تبيع؟"
فقال:"اشتريت منى النصف بألف ألف"
قال:"نعم، و لكن هذا أشتريه بعشر"
فقال:"اجعلها مائة"
قال:"لا، عشر"
قال:"بعتك"، فأخرج عثمان عشر دنانير
قال رومة:"ما هذا؟"
قال عثمان:"قلت أشتريه بعشر دنانير"
قال:"ظننتك تقول بعشرة آلاف"
قال:"كان هذا زمانا، أتريدها أم أدسها.
قال:"بل أبيع".
فيقول النبى صلى الله عليه وسلم:"لا ضر عثمان بن عفان ما يفعل بعد هذا".
أليست هذه مقاطعة اقتصادية؟ أليس هذا دليلا؟

إنه سلاح في أيدي الشعوب والجماهير وحدها، لا تستطيع الحكومات أن تفرض على الناس أن يشتروا بضاعة من مصدر معين.

ولمن يشتكي الخوف من الفقر، يقول الله تعالى:" وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء، إن الله عليم حكيم"، و"العيلة" هنا هى الفقر، فليست أمريكا هي من يرزقنا!! الرزق مسألة عقيدة ليست مسألة فقه.. إيمانك بأن رزقك عند الله هذا باب من أبواب العقيدة"، فالأرزاث بيد الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: "إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب". فلا يظن أحد منا أن ذلك المستثمر هو الذي يرزقنا، إنما أنت سبب في رزقه وهو سبب في رزقك. فإن خفنا الفقر و لم نرجع لله فسنفتقر.

وقد أجمع العلماء على حرمة جلب المنفعة للكافر المحارب.
وعليه فقد أفتى مجموعة من علماء الأمة بحرمة شراء البضائع الأمريكية و"الإسرائيلية" على كل مسلم، من مشروبات غازية ونحوها من مطعومات وملبوسات وأجهزة وغيرها، واعتبروا أن إتيان ذلك فيه  نصر للكافرين، وإعانة على أذية المسلمين ومن فعل ذلك فقد ارتكب ذنباً كبيراً وأتى إثماً عظيماً.

يقول الدكتور العلامة يوسف القرضاوي في فتواه: " ... والبضائع الأمريكية مثل البضائع الإسرائيلية في حرمة شرائها والترويج لها. فأمريكا اليوم هي إسرائيل الثانية. ولولا التأييد المطلق، والانحياز الكامل للكيان الصهيوني الغاصب ما استمرت إسرائيل تمارس عدوانها على أهل المنطقة، ولكنها تصول وتعربد ما شاءت بالمال الأمريكي، والسلاح الأمريكي، والفيتو الأمريكي.
وأمريكا تفعل ذلك منذ عقود من السنين، ولم تر أيَّ أثر لموقفها هذا، ولا أي عقوبة من العالم الإسلامي.
وقد آن الأوان لأمتنا الإسلامية أن تقول: لا، لأمريكا. ولبضائعها التي غزت أسواقنا، حتى أصبحنا نأكل ونشرب ونلبس ونركب مما تصنع أمريكا. إن الأمة الإسلامية التي تبلغ اليوم مليارًا وثلث المليار من المسلمين في أنحاء العالم يستطيعون أن يوجعوا أمريكا وشركائها بمقاطعتها. وهذا ما يفرضه عليهم دينهم وشرع ربهم.
فكل من اشترى البضائع الإسرائيلية والأمريكية من المسلمين، فقد ارتكب حرامًا، واقترف إثمًا مبينًا، وباء بالوزر عند الله، والخزي عند الناس..."

وفي المقاطعة تربية للأمة من جديد على التحرر من العبودية لأدوات الآخرين، الذين علموها الإدمان لأشياء لا تنفعها، بل كثيرا ما تضرها.. وهي إعلان عن أخوة الإسلام، ووحدة أمته، وأننا لن نخون إخواننا الذين يقدمون الضحايا كل يوم، بالإسهام في إرباح أعدائهم. وهي لون من المقاومة السلبية، يضاف إلى رصيد المقاومة الإيجابية، التي يقوم بها الإخوة في أرض الرباط والجهاد.
وإذا كان كل يهودي يعتبر نفسه مجندًا لنصرة إسرائيل بكل ما يقدر عليه. فإن كل مسلم في أنحاء الأرض مجند لتحرير الأقصى، ومساعدة أهله بكل ما يمكنه من نفس ومال. وأدناه مقاطعة بضائع الأعدا

ليست هناك تعليقات: